٢٣/١١/٢٠٢٣
كل باحث علم الإنسان (أنثروبولوجيا) تتراكم عليه ديون شخصية وديون مؤسسية في ميدان بحثه. ويتوزعان النوعان في الحقيقة حسب ديانة الباحث ونظريته للمجتمع.
فأنا عندما وصلت إلى تعز كنت أتصور أن هناك نظام سياسي لدى اليمنيون وهناك نظام فكري لدى الباحثين - أو نظام معرفي يسمى (إيبستيمولوجية)- وكنت أتصور عدم وجود علاقة بين الإثنين. وكنت أتصور أن هناك يمنيون مع النظام يؤمنون بالسلطة وهناك يمنيون ضد النظام يؤمنون بالمعرفة فكل واحد منهم يستغلني حسب نظامه ويمكنني كذلك أن أستخدمهم في بحثي فأستخدم الأول كنموذج وأستخدم الثاني كخبير يخبرني عن النموذج… لعل تتحسن معرفتي تدريجيا هكذا.
لكن اكتشفت في وقتٍ ما أن هذا البرنامج فيه خلل وأن النظامين نظام واحد.
فإن الدول في عصر ما بعد الإستعمار عليها تنفيذ مفهوم خارجي إسمه (حق الشعوب في تقرير مصيرها) وإن أول وأهم مهمة لدى كل دولة هي تهيئة الظروف لاستقطاب النظر الخارجي فهي مفتاح شرعيتها يشارك فيه معا النظام السياسي والنظام الثقافي. وغالبا ما للنظر الخارجي خلل إيبستيمولوجي إزدواجي يؤدي إلى نقطة عمياء يعرفها الطرف السياسي والطرف الثقافي فهناك بينهما تواطء ضمني يعتمد على هذا الخلل.
ومنعطف الربيع العربي حدث بعد اكتشافي ببضع سنين فإن اليمنيين قرروا جماعة أن يبنون نظامهم على الصواب وليس على النقطات العمياء لدى الأوروبيين. فسمح لي هذا البحث وهذا الإكتشاف أن أفهم معنى هذه الثورة وأحلل الوضع بتحليل صحيح. ولقد عبّرت عن رأيّ عند المؤسسات في ذلك الوقت فهذه مسؤوليتي وإن لم تحظ تحليلاتي بإهتمام المؤسسات وإن لم يقرّوا اليمنيون ما أقوله فإني قد قمت بما علي أن أقوم به.
أما الديون فأنا مدين أولا لله تعالى الذي هدانا إلى الإسلام وهو النور التي كشفت عن غموض هذه الأوضاع. ومن ثم أنا مدين للمجتمع اليمني وللنظام السابق ولكل الأفراد الذين شاركوا في هذا البحث… ولكن هذه الديون أعتبرها كلها مؤسسية.
وقد يحمل الباحث ديون شخصية لمعاونينه المخبرين ويحمل ديون مؤسسية للسلطات ولكن هذا لم يعد ديانتي كما قلته سابقا وهذا البرنامج بالنسبة لي يُعتبر باطل. فلقد تغيّر المحاسبة اتجاه كل الأطراف التي تعاملتُ معهم بعد إعتناقي دين الإسلام في وقت إنسحابي من الميدان. إن مشاهداتي وملاحظاتي جمعتها كلها في جاهليتي. وهناك من أعطى كثير وأكرم الضيف ولو جاهل ومن ثم فاجأهم إسلامي. وهناك من خسر كثير نتيجة عن هذا الجهل ولم يعوّض له إسلامي بشيء. إن هذه القصة يربطها النظام بأكماله وهو النظام السياسي السابق في اليمن وكذلك النظام الايبستيمولوجي في مجال علم الاجتماع الذي ما زال قائما. فأما النظام السابق كان يسمح للباحثين التجول في البلاد بحرية ليتآملون (الواقع الاجتماعي) كما يحسبونه وأما النظام الايبستيمولوجي كان يسمح للباحثين البقاء في جهلهم.
هذه الديون كلها أعيدها لله فليس لي القدرة أصلا أن أسدها إلا عبر المؤسسات وهي غير مهتمة حاليا. لقد حدث الكثير من الظلم في الفترة الأخيرة فمنهم من ظلمه النظام ومنهم من ظلمه الحرب ومنهم من ظلمه المؤسسات والله شاهد على كل حال وهو أسرع الحاسبين. مسؤوليتي أنا هي فقط تقديم المعلومات حول هؤلاء الأشخاص الذين تعاملتُ معهم في الميدان تمهيدا للمؤسسات في احتمالية أن تتغير أراءها في يوم من الأيام فتتحمل هذه الديون. هذا هو غرض هذا الموقع والأسماء كلها مذكورة فيه : زياد و نبيل ولطفي وخلدون ووضاح ومحمد علي و… هذه كلها ديون مؤسسية.
لكن يزيد غير. يزيد صاحب اليوم التالي.
يزيد في ايام بحثي لم يكن موجود في حوض الأشرف بل كان يلاقي لقمة العيش هنا وهناك في البلاد. كان يكتفي بالقليل ويعيش حياة مطمئنة عالما ان إخوانه موجودين عند المصائب. ثم يوم من الأيام فقد أمنه المادي وإطمئنانه بعد أن مات أخوه الكبير وراح أخوه الثاني إلى المصحة النفسية فوجد نفسه فجأة يحمل مسؤولية الوالدين مع أسرته وقد كان ولده نبيل في الطريق.
أما أنا في ذلك الوقت عشت كذلك منعطف كبير مع إعتناقي الإسلام فلا يفهمني الجامعة في فرنسا ولا الأقارب والأصحاب وأما المسلمون هناك لا يفهمون من أين أتيت. وقد فكرتُ في الإغتراب في اليمن فرجعت إلى تعز واستأجرت شقة في حارة أخرى قريب فندق الإخوة. وكنت أزور حارة يزيد من حين إلى حين حتى ولدت بيننا صداقة.
وطبعا كان هناك صلة بين قصتي وقصته فكانا أخويه الأكبر من الشخصيات البارزة في بحثي. لكن ما فات قد فات والله أعلم بهذه الصلة. لم يُحمّلني يزيد أي مسؤولية ولم يحاول أن يستغل شعوري بالندم بالعكس شجعنا على أن أنظر إلى المستقبل فأثبت لي أن قصتي لها معنى أوساع. وشجعتني هذه العلاقة على أن أرجع إلى فرنسا وأواجه الجامعة كي لا تضيع دكتورتي وكان يزيد يدعمني معناويا بعد عودتي بالاتصالات المنتظمة. وصحيح أن بالاخير أصبح بيننا صراع لكن لم يكون سببه الجهل والنفاق بل كان سببه الجدية والإخلاص بعضنا لبعض فكان سببه النظام السابق. هذا كله حدث قبل دخول الثورة وهذا ما شجعني على أن ابقى في فرنسا وقت الثورة واقاتل من أجل أفكاري حتى يجمعنا ظروف تسمح لنا التعايش مع بعض في إحترام. ولم تأتي بعد هذه الظروف لكن يزيد وأنا ما زلنا على اتصال وعايشين في عالم واحد. هذا هو اهم شيء وإن لم يجمعنا الله مع اليمنيين في هذه الدنيا فليجمعنا في الآخرة.
باختصار هناك فرق بين ما يربطني بزياد وما يربطني بيزيد. ما يربطني بزياد هو دين مؤسسي أطمح تسديدها بإذن الله يوم من الأيام لكن لا احملها شخصيا. اما يزيد فتربطنا علاقة أخوة وتقدير متبادل ومودة بالرغم من البعد بين ظروف معيشتنا.
والمسلم لا بد أن يعطي المؤسسات حقها ويعطي العلاقات الشخصية حقها كذلك. ولا يُموِّل علاقته بمال المؤسسات والمؤسسات بماله الخاص. هذا هو الفساد الذي كان يحكم في اليمن سابقا وما زال يحكم حاليا في علم الاجتماع ولو لا يشعر الباحثون. وعلى المسلمين ان يحددوا كيفيات مشاركتهم في المؤسسات بضمير وإخلاص سواءا كانوا في الشمال او في الجنوب وفي الغرب أو الشرق. هذه المسؤولية التي كلفهم الله بها في هذه الدنيا وعدم تنفيذها يأدي إلى كوارث لا يعانوا منها المسلمون خاصة بل عامةً البشرية.
﴿ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴾
كانت هذه بعض الملاحظات وأهم شيء نتمنى التوفيق لنبيل ولشباب اليمن عامة. الله يجعل البركة في هذا المحل وكذلك في حوض الأشرف وفي أهل هذه الحارة أينما كانوا مقيمين حاليا. والله يجمعنا فيها.
تحياتي لكم جمعا. والسلام عليكم ورحمة الله.
منصور الفرنسي
٠٥/١٢/٢٠٢٣
This page is not fully translated, yet. Please help completing the translation.
(remove this paragraph once the translation is finished)
Né vers 1982, quatrième de la fratrie (dont une fille). Il enchaîne les petits boulots : chauffeur, mécanicien, garçon de café, ouvrier, à Aden et aux quatre coins du pays. « Moi aussi je suis un homme de peine°! », me lance-t-il fièrement en 2004, lors de ma seconde enquête.
Début 2007, suite au décès de son frère aîné (Nabil) et à l'internement du cadet (Ziad), il se retrouve en charge de sa famille1).
Au printemps 2009 (peu après mon Prix Michel Seurat), il entre en politique localement en tant que 'Âqil (sage)° de son quartier. Son voisin et camarade Ramzi est son homme de main (jusqu'en 2013 et l'affaire Bassam).
Le badge du Président
(sur nos rapports en 2010, lors de mon dernier séjour).
Yazid s'accroche à son poste malgré la Bataille de Taëz (2015-présent)(en), et vit au Hawdh al-Ashraf jusqu'à aujourd'hui.
Retour Index des personnes